زين العابدين إبن علي إبن الحسين إبن علي بن أبي طالب .. رضي الله عنهم أجمعين ..
إن الغريب له حق لغربته على المقيمين في الأوطان والسكن
سفري بعيد وزادي لن يبلغني وقوتي ضعفت والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها الله يعلمها في السر والعلن
ما أحلم الله عني حيث أمهلني وقد تماديت في ذنبي ويسترني
تمر ساعات أيامي بلا ندم ولا بكاء ولا خوف ولا حزن
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهدا على المعاصي وعين الله تنظرني
يا زلة كتبت في غفلة ذهبت ياحسرة بقيت في القلب تحرقني
دعني أنوح على نفسي وأندبها وأقطع الدهر بالتذكير والحزن
كأنني بين تلك الأهل منطرحا على الفراش وأيديهم تقلبني
وقد أتوا بطبيب كي يعالجني ولم أرى الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها من كل عرق بلا رفق ولا هون
واستخرج الروح مني في تغرغرها وصار ريقي مريرا حين غرغرني
وغمضوني وراح الكل وانصرفوا بعد اليأس وجدوا في شرا الكفن
وقام من كان حب الناس في عجل نحو المغسل يأتيني يغسلني
وقال يا قوم نبغي غاسلا حذقا حرا أريبا لبيبا عارفا فطن
فجاءني رجل منهم فجردني من الثياب وأعراني وأفردني
وأودعوني على الألواح منطرحا وصار فوقي خرير الماء ينظفني
وأسكب الماء من فوقي وغسلني غسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفن
وألبسوني ثيابا لا كمام لها وصار زادي حنوطي حين حنطني
وأخرجوني من الدنيا فوا أسفا على رحيل بلا زاد يبلغني
وحملوني على الأكتاف أربعة من الرجال وخلفي من يشيعني
وقدموني إلى المحراب وانصرفوا خلف الإمام فصلى ثم ودعني
صلوا علي صلاة لا ركوع لها ولا سجود لعل الله يرحمني
وأنزلوني إلى قبري على مهل وقدموا واحدا منهم يلحدني
وكشف الثوب عن وجهي لينظرني وأسكب الدمع من عينيه أغرقني
فقام محترما بالعزم مشتملا وصفف اللبن من فوقي وفارقني
وقال هلوا عليه الترب واغتنموا حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
في ظلمة القبر لا أم هناك ولا أب شفيق ولا أخ يؤنسني
فريد .. وحيد القبر، يا أسفا على الفراق بلا عمل يزودني
وهالني صورة في العين إذ نظرت من هول مطلع ما قد كان أدهشني
من منكر ونكير ما أقول لهم قد هالني أمرهم جدا فأفزعني
وأقعدوني وجدوا في سؤالهم مالي سواك إلهي من يخلصني
فامنن علي بعفو منك يا أملي فإنني موثق بالذنب مرتهن
تقاسم الأهل مالي بعدما انصرفوا وصار وزري على ظهري فأثقلني
واستبدلت زوجتي بعلا لها بدلي وحكمته في الأموال والسكن
وصيرت ولدي عبدا ليخدمها وصار مالي لهم حلا بلا ثمن
فلا تغرنك الدنيا وزينتها وانظر إلى فعلها في الأهل والوطن
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الحنط والكفن
خذ القناعة من دنياك وارض بها لو لم يكن لك إلا راحة البدن
يا زارع الخير تحصد بعده ثمرا يا زارع الشر موقوف على الوهن
يا نفس كفي عن العصيان واكتسبي فعلا جميلا لعل الله يرحمني
يا نفس ويحك توبي واعملي حسنا عسى تجازين بعد الموت بالحسن
ثم الصلاة على المختار سيدنا ما وضأ البرق في شام وفي يمن
والحمد لله ممسينا ومصبحنا بالخير والعفو والإحسان والمنن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق